إنجاز بلماضي، فيروس “الخضرا” ورقصة ريبيري
بأي وصف يمكن أن ننعت الجماهير الجزائرية وهي تحتفل بشكل “هيستيري” باللقب القاري الذي صنعه أشبال بلماضي على أرض المنافس الفرعوني؟
وبأي جمل يمكن أن نتكلم عن جنون “الخضرا” الذي أصاب كل من له صلة ولو بقطرة دم مع بلد الشهداء؟ فصورة ريبيري وهو يرقص في مدرجات القاهرة مع زوجته التلمسانية وأولاده، لم يفعلها النجم الفرنسي مع الديكة في مونديال روسيا، وكما قال أحدهم “من يقترب من الجزائريين يصيبه فيروس أخطر من إيبولا لأنه داء ليس له دواء واسمه جنون الخضرا”.
لقد حطم عشاق المحاربين كل الأرقام بأغلب المدن وصنعوا أجمل الصور ودغدغوا مشاعر كل العالم، عربي أو أعجمي، وجعلوا من الأفناك المتوجين بكأس إفريقيا “فوبيا” ليس لها حدود، فرقص الشباب والنسوة والعجائز على أنغام الخضرا طوال الليل، وتجاوبت شرطة لندن و”بوليس” باريس مع الحدث الجزائري الذي صنعه المحاربون بالقاهرة.
دون شك، ما عاشته الجزائر بفضل منتخبها الكروي يدرس في أكبر المعاهد والجامعات، النفسانية طبعا، لأن تعلق الجزائريين بالمحاربين تحول فعلا إلى ظاهرة تعدت كل الحدود، إلى درجة أن عرب اليمن يتغنون بالخضر والمغاربة يهللون للمحاربين والفلسطينيين احتفلوا معنا وكأنهم في بلدنا والتوانسة نسوا الإقصاء والمصريين عادوا إلى جادة الصواب واعترفوا بأحقية بلماضي وأشباله بالنجمة الثانية.
ولأن صور احتفالات الجزائريين بانجاز أم درمان 2009 ثم بمونديال البرزيل 2014، تكررت بعد تتويج القاهرة 2019، فقد تأكد الجميع بأن المنتخب الكروي للجزائر أصبح مقدسا، ويبقى العامل الموحد الوحيد للشعب الجزائري، الذي وإن اختلف في شؤون السياسة والحكم فأنه بقي يستنشق هواء واحدا غير مركب من الكربون والأوكسجين، هواء خاص عجز كيميائيو العالم عن إيجاد وصفته الذرية.
صحيح أن الشعب الجزائري متعطش للفرحة والسعادة ومن حقه الاحتفال مطولا بلقب قاري انتظره منذ 29 سنة، لكن حتى تدوم وتستمر الفرحة والانتصارات، فإنه يجب استغلال ديناميكية “الكان” لوضع سياسية رياضية وكروية رشيدة بعيدا عن الجانب “الكرنفالي” الذي يغتال البرامج والمخططات.