المحترف

عن الحراك السياسي والفساد الرياضي في الجزائر

ضربة حرة: بقلم عدلان حميدشي

 

ماذا لو يقرر منشّطو الساحة الرياضية الجزائرية التوقف عن المنافسة واللحاق بركب الحراك الشعبي في الجزائر للتنديد بالفساد الرياضي السائد منذ عشريات من الزمن دون أن تخرج الرياضة الجزائرية من النفق المظلم رغم صرف مئات الملايير سنويا، حركة ستفتح الباب لجزائر جديدة رياضيا مثلما يأمل شباب هذا البلد.
وحتى إن كان الرياضيون قد خرجوا في جمعات سابقة كمدنيين مع كافة شرائح مجتمعنا للمطالبة بالتغيير السياسي الشامل، إلا أن رؤية نشطاء النوادي من مدربين ولاعبين وحكام ورياضيين في يوم واحد مخصص لهم، مثلما فعلته الأسرة التعليمية والصحية والإعلامية والقضائية وغيرها من الشرائح، سيعطي للرياضيين النزهاء مصداقية ودفعا جديدا لحل مشاكل القطاع الذي يسبح في وحل الفساد بما تحمله الكلمة من معنى.

ولا يمكن بأي شكل من الأشكال فصل الأسرة الرياضية عن المجتمع ككل، بل بالعكس ما يحدث في عالم الرياضة الجزائرية وكرة القدم بالأخص من فساد يتطلب ثورة حقيقية لتنظيف هذا المحيط من المافيا التي تغلغلت وسطه منذ 1990 وتنهب الملايير التي تخصصها الدولة للقطاع بتواطؤ من كافة المسؤولين محليين أو حكوميين.
ورغم أن مدرب الخضر جمال بلماضي فتح الباب للرياضيين كي يعبروا عن مواقفهم من هذا الحراك عندما قال في ندوته الصحفية لأول أمس أنه يجب الاستماع لصوت الشعب، فإن الرياضيين الشرفاء الرافضين للفساد المتفشي في الرابطات والفدراليات والنوادي بكافة أنحاء الوطن، يجب أن يصرخوا في يوم مخصص لهم للتنديد بالطرق التي تمول بها الجمعية الرياضية على المستويين المحلي والوطني، فكم من وال من ولاة الجمهورية ينزل إلى تدريبات فريق “محترف” ليقدم مساعدة بالملايير ويهدي منحة فوز على 18 لاعبا يصل مبلغها الإجمالي ميزانية فرع في سباق الدراجات وبهذا الأسلوب في التسيير اغتيلت كل الرياضات ببلد ثلثي سكانه شباب.
وكم من وزير، ولدواعٍ سياسية يقدم صكوك المال العام لناد ملك للخواص تاركا الرياضيين الآخرين والمقدرين بالمئات دون ثمن “ساندويتش”، ولن نتحدث عما يفعله “الأميار” المسيطرين على ميزانيات البلديات تاركين الرياضيين دون جرعة أوكسجين لتموت الحركة الرياضية في القرى والبلديات وهو ما حدث للجزائر منذ نهاية الثمانينات.
ولأن مصدر الفساد الرياضي هو التمويل العشوائي الذي يقوم به المسؤولون الرسميون، الذين وعوض أن يحافظوا على المال العام أصبحوا وعلى مدار عديد العهد الانتخابية “يبزنسون” بـ “دراهم البايلك” دون رقيب ولا حسيب مانحين هدية في “شكارة” لمافيا مسيري الفرق كي يعبثوا بها ويحولوها إلى جيوبهم.
خروج ملايين الجزائريين في الجمعات الأربع السابقة للتنديد بالفساد يحتم على الأسرة الرياضية النزيهة التحرك هي الأخرى للتنديد بالفساد الرياضي حتى يتم طرد أشباه المسيرين ومحاسبتهم لتوقيف النهب المنظم في النوادي والرابطات والفدراليات التي عشّش بداخلها أخطبوط المافيا التي لا تختلف كثيرا عن مافيا المخدرات وتجار الأسلحة، فلكل غايته وأهدافه لكن الجميع يتفق على “خلاها”.