أعاد فتح حسام عوار ملف التحاق لاعبي مزدوجي الجنسية بالمنتخب الجزائري بعدما اختار مواصلة مشواره مع المنتخب الفرنسي، ولم تغره كأس إفريقيا التي نالها “الأفناك” ببلد الفراعنة والتي كنا نظن بأنها ستجر وراءها عشرات المحترفين من مزدوجي الجنسيات نحو سيدي موسى.
وبين “هيجان” عاطفة الشارع الجزائري، الذي كان يرى في تشكيل عوار وبن ناصر لبنة وسط ميدان خرافي للخضر، و “البراغماتية” التي يجب تقبلها، راح الكثير في سب وشتم حسام من جهة والفدرالية الحالية من جهة أخرى، لكن ورغم اختياره حمل ألوان الديكة، فلا أحد يمكن المزايدة في وطنية حسام وعائلته ولا يمكن تخوينه لأنه اختيار مصلحته الرياضية وليس شيء آخر، وسأروي لكم قصة لمن رفضوا تلبية دعوة الخضر دون أو تكون فرنسا تريدهم لمنتخبها، ولم نقل حينها بأنهم خونة.
قبل أكثر من عشرين سنة، كنت جالسا برفقة المدرب جداوي الملقب “بعبدال” في سهرة هادئة بمسبح “جورجيا هوتيل” بمدينة كوماسي الغانية، عقب تأهل الخضر إلى الدور الثاني من كأس أمم إفريقيا 2000 وكان جداوي مساعدا لسنجاق رفقة الراحل حميمي، وهو الثلاثي الفني الذي اختاره الوزير درواز وبعده سلال، لقياد الخضر بعدما انفجر بيت الفاف.
“عبدال” وهو يتحدث معي بقلب مفتوح قال:”نجحنا في تأهيل المنتخب إلى الدور الثاني وهذا انجاز هام بفضل هذه المجموعة بعدما رفض الكثير السفر معنا في هذه المغامرة الإفريقية ولو تجدد فينا الثقة لمواصلة العمل فلن يضع منصوري وأمثاله أرجلهم في المنتخب لأنهم رفضوا تلبية نداء الوطن “.
كان جداوي يقصد اللاعبين الذين هتف لهم هو و سنجاق وحميمي قبل الكان ورفضوا تلبية الدعوة فتحجج لاعب لوهافر يزيد منصوري بأشياء وتحجج جمال بلماضي الذي التحق بنادي سيلتا فيغو الإسباني بأشياء أخرى دون الحديث عن علي بن عربية الذي كان قريبا من تلقي دعوة روجي لومير رفقة كمال مريم، ولعبنا “الكان” بموسوني ودزيري وعمروش وصايب وتاسفاوت وغيرهم.
تمر السنوات ويلتحق بلماضي بالمنتخب ويحمل منصوري شارة القائد وتنطلق قاطرة الخضر من وراء البحار بعدما انتهج كزال ثم روراوة استراتيجية فعالة لجلب ما تجود به المدارس الفرنسية إلى أن أصبحت الفاف تخطف اللاعبين قبل سن العشرين في صورة بودبوز وبراهيمي و فيغولي وبن طالب وبن زية وبن ناصر وبلفوضيل وكلهم كانوا ضمن منتخب آمال فرنسا ولديهم حظوظ متفاوتة للعب للمنتخب الأول.
نجاح الفاف آنذاك في تقوية المنتخب بعناصر من خيرة مدارس فرنسا سمح لنا بالتأهل مرتين للمونديال ثم التتويج بكأس إفريقيا الأخيرة في ظل غياب أدنى عمل قاعدي وتكويني حقيقي في الجزائر بسبب الفوضى السائدة في النوادي منذ 30 سنة أو أكثر.
ولم يكن رورواة وحده يعمل في خطف الطيور النادرة بل نشاط القنصليات والسفارات و دور الجمعيات الرياضية للأحياء بفرنسا والتي يسيطر عليها المغتربين كل ذلك منح دعما للفاف وتشكلت شبكات قوية للجزائريين يزودون الفدرالية بأدنى المعلومات بغرض الظفر بعشرات اللاعبين الذين شكلوا لعشريتين خزان الخضر حينها كانت الفدرالية الكروية تستمد قوتها من السلطة السياسية الفعلية، ومنتخب المحاربين يهم أكبر مسؤول في الدولة نظرا لتعلق 40 مليون جزائري به.
حسام عوار و والده جلسا مع رئيس الفاف السابق بإحدى مطاعم ليون، قبل عشر سنوات و أخدا صور تذكارية معه برفقة عبد القادر غزال، حينها الجزائر كانت تخطط لهزم منتخب القرن مصر مرتين والتأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا وكان عوار يصول ويجول في شوارع ليون حاملا للراية الجزائري فخور بما فعله عنتر يحي و زياني ويحلم باللعب يوما في هذا المنتخب فما الذي تغير طوال هذه السنوات؟.
اليوم الأمور لم تعد مثلما كانت والدولة منشغلة بأشياء أخرى، و رئيس الفاف له نظره مختلفة تماما عن سابقيه فيما يخص اللاعبين القادمين من وراء البحار فوجد بلماضي نفسه وحيدا يردد في اسطوانة :”من يريد اللعب لجزائر قلبا وقالبا فمرحبا به ، فنحن أبطال إفريقيا ولسنا أي منتخب” وهو يعلم يقينا بأن مستقبل المنتخب الوطني مازال مرهونا بما تقدمه لنا مدارس الكرة بفرنسا، كون الجزائر الكروية تعاني العقم ولا أحد عالجها في الرحم أو مثلما يقول القائل…. ” شوف منين تجيب لولاد راهي عاقرا”.