كم كانت الجملة التي تلفض بها اللاعب الدولي السباق ومساعد مدرب الخضر للشبان سابقا، حسين آشيو قوية ومزلزلة لمشاعر كل الجزائريين، وكم كانت قنبلة حسين، الذي وصفه صحفيو مصر ذات يوم جانفي 2004 بالحرامي، مدوية على بلاطوهات قناة الهداف وهو يعلنها صراحة :” رئيس الفاف طلب منا كمدربين للشبان وضع إسم لاعب.
احتياطي في ناديه ضمن قائمة المدعووين للتربص فرفضنا، وبعدما تمت تنحيتنا وفي المعسكر الموالي تم وضع إسم هذا اللاعب في قائمة الدوليين المعنيين بالتربص فكان واضحا أن سبب إقالتنا هو رفضنا تطبيق أوامره”.
آشيو “الحرامي” المعروف عليه بنزاهته وصراحته لم يمر عبر عدة مسالك ليقولها و بالفم المليان: “زطشي وحاشيته يفرضون لاعبين على المنتخبات بغرض تلميع سيرتهم الذاتية لتسويقهم في أحسن صورة”.
صحيح أن آشيو أخد وقتا طويلا كي يخرج ما في قلبه تجاه التسيير الخفي للمنتخبات الوطنية، ومثله مثل مدرب الحراس حنيشاد، الذي استقال بعدما قدمت له قائمة لحراس تم استدعاؤهم دون علمه ، فإن مقاطعة الصمت والتنديد بما يحدث في داخل العلبة السوداء للمنتخبات هو شجاعة في حد ذاتها لأن المنتخبات الوطنية ليست فريق خاص وليس ناد عائلي يسيره الرئيس وزبانيته كيف ما شاؤوا، المنتخبات الوطنية هي ملكية عمومية لكل الجزائريين وتخضع لنظام المصلحة العمومية وليس للمصحلة التجارية الخاصة والحديث عن المنتخبات لرفع الراية الوطنية في المحافل الكروية لا يمكن ربطه بمقاييس التسويق التجاري، فالجزائر لا يتاجربها.
ولعل خرجة نجم “سوسطارة” أعادة لأذهان الكثير من الإعلاميين المخضرمين الذين عايشوا يوميات الخضر بكل فروعه منذ الاستقلال تدخل الكثير من شخصيات النافذة في المنتخبات الكروية من وزراء وعسكريين وسياسيين و فاعلين في اللجنة المركزية للحزب العتيد، فقد قيل الكثيرعن دور الوزير السابق للرياضة حوحو في عهد روغوف وقبله رايكوف، وسمعنا حكايات طويلة عن المكالمات الهاتفية للراحل قاصدي مرباح في عهد خالف محي الدين ورابح سعدان وزوبا، و كذا عن دور الوزير السابق عزيز درواز في عهد سنجاق وجداوي ، والروايات حول مثل هذه التداخلات لم تكن لأغراض تجارية من أجل.
تسويق لاعبين نحو الخارج بقدر ما كانت في ثوب المحاباة والجهوية والقرابة.
دون شك، الصورة التي قدمها آشيو عما يحدث في المنتخبات الوطنية هي صورة عاكسة عن الواقع الكروي المؤلم في الجزائر منذ عشريات ، فقد أحكمت “الأوليغارشيا” التي استحوذت على خيرات وأموال البلاد، قبضتها على “الكرة” لنشاهد يوميا وعلى المكشوف الإجرام الكروي دون حسيب ولا رقيب فالمافيا أخطبوط مثل السرطان تتغدى من خلايا الجسم نفسه حتى تلتهمه كاملا و “الحديث قياس”.