الدوريات الأوروبية تشهد تربع أندية عريقة اختفت عن الواجهة صدارة الترتيب
"القادمون من الخلف".. أبطال الماضي «يستفيدون» من تداعيات "كورونا"
هو موسم المفاجآت.. لا تطلعات مرتقبة ولا توقعات صائبة.. على عكس المواسم السابقة، حالت تداعيات فيروس كورونا دون وجود سباق واضح المعالم في مختلف الدوريات.. بفعل تفاوت أسواق الانتقالات بين الأندية وإقامة أغلب المباريات خلف أبوابٍ مغلقة، اختفى هاجس أفضلية الأرض والجمهور وتوازنت الكفة بين مختلف الأندية.. مانشستر يونايتد ليس النادي الوحيد الذي شهد صدارةً “مفاجئة” حتى الآن، فباستثناء البوندسليغا، عرفت باقي الدوريات الأوروبية الكبرى متصدّرين غير منتظرين، في فرنسا اختفى ولو مؤقتا بريق باريس سان جيرمان بترسانته القوية وملايير مليارديره القطري، وفي اسبانيا توارى عملاقا الليغا البارصا والريال عن الأنظار ليحل محلهما المنافس الشرس الأتليتيكو، وفي انجلترا عاد الشياطين الحمر من بعيد بعد سنوات من التراجع والإذلال.
تداعيات ساوت بين الكبير والصغير، الفقير والغني، العريق والجديد
ربما هي تداعيات الجائحة التي ساوت بين الكبير والصغير، الفقير والغني، العريق والحديث، فكما أغلقت بلدانا كانت لا تنام، وهوت باقتصادات كانت لا تعرف الفشل والعجز، ها هي كورونا أخلطت حسابات المشاهير من الأندية، وهوت بكبارها في أتون الفقر والأزمات والتراجع، في إيطاليا واسبانيا وانجلترا وفرنسا وبدرجة أقل ألمانيا، أندية كبيرة وعريقة فرضت منطقها على الدوريات المحلية والقارية لسنوات عديدة، كانت ترفض التنازل أو التداول، أصبحت اليوم في مؤخرة الأحداث وبعيدا عن بريق الصدارة، ليحل محلها فرق كانت في الماضي في عداد الأقوياء، ولكن حولتها الظروف والأزمات إلى مجرد أرقام مكملة، وتوابل لصنع حلاوة المذاق لعدد من الدوريات العريقة ليس إلا، لتجد نفسها فجأة وبسبب فيروس لا يرى في واجهة الأحداث من جديد.
الأندية الكبيرة والعريقة ترفض أن تموت
لاشك أن الموسم طويل، ومفاجآت اللعبة الأكثر شعبية في العالم لم تكشف جميع خيوطها، والأندية الكبيرة والعريقة ترفض أن تموت، فحينما نتحدث عن البارصا أو الريال أو باريس سان جيرمان أو حتى مانشستر سيتي وليفربول، فنحن نتحدث عن قامات لا تقهر، ولكن نحن نتحدث هنا أيضا عن أبطال وأساطير كانت إلى زمن قصير تصنع الحدث كرويا محليا وعالميا، فمانشستر يونايتد الانجليزي أو ميلان الإيطالي أو أتليتيكو مدريد الاسباني، ليست هينة أو ضعيفة، فهي أندية صنعت الفرحة والفرجة لعقود من الزمن، وعودتها إلى الواجهة ليس من باب الصدفة أو المفاجأة، ولذلك نحن نتوقع منافسة أشد في قادم الأيام، وستكون الدوريات الكبيرة في قمة السخونة والحرارة، رغم تداعيات كورونا، وغياب الجماهير ونقص الأموال وأفول نجم بعض المشاهير.
ميلان عاد من بعيد في الدوري الإيطالي
للمرة الأولى منذ عقد من الزمن يظهر “الروسينيري” بصورة البطل
عند ذكر الميلان، يُذكر تاريخ الدوري الإيطالي.. الفريق العريق الذي كانت له صولات وجولات في الملاعب المحلية والعالمية، سقط في السنوات الأخيرة، واقتصرت تطلعاته على المشاركة في دوري الأبطال.. كبوة ميلان سببها سوء الإدارة، فقد انتقلت ملكية الفريق بين عدة جهات في العقد الأخير، آخرها الصيني يونغ هونغ لي، ثم صندوق إيليوت الأميركي.. التطلّعات المرتفعة اصطدمت بالنتائج المخيّبة، فعلى الرغم من الوعود المقطوعة، لم يكن الاهتمام بإعادة ميلان إلى الواجهة بارز المعالم، شغل أبناء النادي مراكز إدارية مهمّة في الفريق، ثم رحلوا، جاءت مواهب شابة، نجح بعضها ورسب الآخر في الاختبار.. كل هذه العوامل كادت لتودي بميلان إلى الهاوية، لولا تضافر جهود المدرب ستيفانو بيولي مع رفقاء اللاعب زلاتان إبراهيموفيتش.
ثبات فني كبير وحضور دائم للاعبين
للمرة الأولى منذ عدة مواسم، يظهر ميلان بصورة البطل، ثبات فني كبير وحضور دائم للاعبين عادا على الفريق بصدارة الترتيب حتى الجولة الـ 17 بـ 40 نقطة.. الأداء الكبير لميلان قد يعود عليه بلقب الدوري في نهاية الموسم، ليكون اللقب الأول للفريق منذ 2010-2011، علما أن التشكيلة تدعمت هذا الموسم بشكل نوعي، ميزها قدوم المخضرم زلاتان إبراهيموفيتش، الذي أعاد إحياء أمجاد النادي بفضل شخصيته القوية وطبعه المتعجرف المتعالي، فزاد من ثقة النادي بالنفس، وأضفى مسحة رجولية على أداء زملائه فوق أرضية الميدان، ما جعله يعيد الحلم من جديد في تتويج الروسينيري بلقب الكالتشيو الذي غاب عن خزائن النادي لعقد من الزمن.
إبراهيموفيتش: “الفريق يجب أن يتحلى بالشجاعة للحلم بتحقيق اللقب”
ولعل هذا ما دفع بزلاتان إبراهيموفيتش، نجم أي سي ميلان، للتأكيد في معظم تصريحاته الإعلامية على أن الفريق يجب أن يتحلى بالشجاعة للحلم بتحقيق الدوري الإيطالي، وقال إبراهيموفيتش، في تصريحات نقلها موقع فوتبول إيطاليا: “الرفيق يجب أن يتحلى بالشجاعة للحلم بالفوز بالسكوديتو، أمامنا طريق طويل”، وتابع: “الفريق مُتعطش ومُستعد، ونحن نُريد حتى أكثر”، وأضاف النجم السويدي للروسونيري قائلاً: “أعتقد أنني أنقل الكاريزما الخاصة بي لزملائي، أريد دائماً أن أتدرب لأني أشعر بحالة أفضل، أقول للناس في عُمري بأن عليهم الإيمان بأنفسهم وألا يستسلموا أبداً”، وأكمل إبراهيموفيتش حديثه بالقول: “أشعر بحالة طيبة، أنا أتدرب وأريد دائماً العمل بكدٍ، تلك هي فلسفتي”، وتابع: “في سن التاسعة والثلاثين شعرت أن بإمكاني أن أقوم بأمرٍ إضافي لأشعر بحالة جيدة”.
أتلتيكو يحلّق مع سيميوني في سماء الليغا
الفريق الذي يظهر هذا الموسم بصورة البطل مستفيداً من ضعف البارصا والريال
برز اسم أتلتيكو مدريد في السنوات الماضية، وخاصة بعد مجيء المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني، الذي صعد بالروخيبلانكوس من منتصف الجدول إلى المنصّات المحلّية والأوروبيّة.. منظومة دفاعيّة بأقلّ الإمكانيات المادية الممكنة خطفت الليغا من برشلونة وريال مدريد موسم 2013-2014، كما رفعت العديد من الألقاب، منها الدوري الأوروبي.. في الأعوام الثلاثة الأخيرة، عرف أتلتيكو تراجعاً واضحاً، حيث رحل بعض اللاعبين البارزين كما كثُرت الشائعات بشأن رحيل سيميوني، غير أن هذا الأخير ظلّ على رأس العارضة الفنية للفريق ليُظهره هذا الموسم بصورة البطل، مستفيداً من ضعف برشلونة وريال مدريد، اللذين خفت بريقهما خاصة منذ تفشي جائحة كورونا، ربما بسبب نقص الأموال وتراخي الإرادة والعزيمة لدى اللاعبين، وعد الاستقرار الإداري بالخصوص لدى النادي الكتالاني العريق.
يبتعد الروخيبلانكوس بأربع نقاط عن أقرب الملاحقين
ما كان لافتاً، التكامل الفني للفريق من كل النواحي، والذي عاد على النادي بصدارةٍ مريحة حتى الجولة الـ 18، حيث يبتعد الروخيبلانكوس بأربع نقاط عن أقرب الملاحقين، مع امتلاكه مباراتين مؤجلتين.. تحسُّن الفريق ليس وليد الصدفة، بل جاء بفعل نجاح الصفقات الجديدة، على رأسها لوكاس توريرا والمخضرم لويس سواريز، بالإضافة إلى تألق جواو فيليكس ويانيك كاراسكو وماركوس يورينتي وكوك والبقية.. تميّز على مختلف المستويات يعِد بموسمٍ استثنائي لرجال سيميوني، قد يعود على الفريق بتحقيق أكثر من لقب في نهاية المطاف، فهل ينجح في ذلك، أم أن استفاقة الريال وبرشلونة قد تحد من فرص تحقيق حلم سيميوني وأشباله في التتويج بالليغا والإطاحة بمنافسيه اللدودين.
لا يوجد مكان لأي فرد داخل أتلتيكو يشذ عن الطريق المرسوم
ومنذ قدومه إلى أتلتيكو مدريد، تبنّى سيموني فكرة “الفريق”، وهو المعنى الذي لم يتبلور فقط داخل الملعب ولكن خارجه أيضاً، ولا يوجد مكان لأي فرد داخل أتلتيكو مدريد يشذ عن الطريق المرسوم، وإن كان هناك نجم في الفريق فهو هذا المدرّب ولا أحد غيره، ويخوض أتلتيكو في الأيام القادمة تجارب قوية سيختبر خلالها قوته الحقيقية، حيث يحل ضيفاً، عقب مباراته مع لاس بالماس، على فريقين من العيار الثقيل، ورغم هذا، يتمسّك سيميوني بهدوء الواثق والعالم بأنّ أفكاره تعدّ بمثابة عقائد إيمانية داخل أتلتيكو مدريد، ولن يتجاسر أحد، سواء الجماهير أو الإدارة، بمطالبة سيموني بالقيام بشيء آخر أكبر من المنافسة، حيث أنّ فرصه تتعاظم كلما نافس بشكل جيد، كما دأب أن يفعل منذ انطلاق الموسم .
ليون يتصدّر حاليا الدوري الفرنسي الممتاز
قاهر اليوفي والـ”السيتي” يحلم بإزاحة البياسجي من العرش
فاجأ فريق ليون الفرنسي العالم بإطاحة جوفنتوس ثم مانشستر سيتي في طريقه للتأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي.. استمرت المفاجأة هذا الموسم، حيث يتصدّر أبناء المدرب رودي غارسيا الدوري الفرنسي الممتاز على حساب باريس سان جيرمان والبقية، وعرف ليون محطات من النجاح تاريخياً، كان أبرزها عندما تُوّج بطلاً لفرنسا في سبعة مواسم متتالية بين عامَي 2002 و2008، لكنّ الفريق أخذ بالتراجع بعدها مقابل هيمنة قوى فرنسية أخرى، على رأسها باريس سان جيرمان، واستعاد ليون هويته هذا الموسم، حيث لعب 19 مباراة، فاز بـ 11، تعادل في 7 وخسر واحدة،ويتّصف الفريق بالاتّزان والكمال، إذ قام المدرب رودي غارسيا بتكوين منظومة تضم الخبرة ولاعبين شباباً.
تدعيم الصفوف في كل مناسبة تتاح للنادي
يبرُز اللاعبان كورني ومارسيلو في الدفاع، ومن خلفهما الحارس المخضرم لوبيز،ويُعدّ ميندي صمام الأمان في خط الوسط، في حين يقوم عوّار وباكيتا بصناعة الفرص.. في المقدمة، يبرز كل من ديباي وموسى ديمبيلي، وقد أصبح هذا الأخير قاب قوسين أو أدنى من الانتقال إلى أتلتيكو مدريد الإسباني، وبلاشك، فإن الحفاظ على النجوم إضافةً إلى مدى طول نفَس الفريق، هما العاملان الرئيسيان في احتمال إنهاء سطوة باريس سان جيرمان، مع الإشارة إلى أنّ هذا الأخير سوف يستغل أي تعثر لليون من أجل العودة إلى صدارة الترتيب، ولعل هذا الذي جعل إدارة ليون تفكر في تدعيم الصفوف في كل مناسبة تتاح لها، فاستقدمت أخيرا النجم الجزائري إسلام سليماني على أمل الحفاظ على نفس النسق الهجومي، وبالتالي الحفاظ على فرص التتويج في الأخير.
حقق أكبر استفادة ممكنة من الظروف الصعبة نتيجة فيروس “كورونا”
وحقق ليون أكبر استفادة ممكنة من الظروف الصعبة التي يمر بها الموسم الكروي الحالي بسبب أزمة تفشي الإصابات بفيروس “كورونا” المستجد والتغير الطارئ على نظام الأدوار النهائية لدوري الأبطال وبخاصة الموسم المنقضي، وقد يكون المدرب رودي غارسيا المدير الفني للفريق هو مصدر التفاؤل لدى ليون حاليا لأنه الوحيد من بين المدربين الذين بلغوا المربع الذهبي الحالي بدوري الأبطال الذي سبق له الوصول لنهائي أوروبي، وسبق لغارسيا ، الذي تولى تدريب ليون في وسط الموسم الفارط، أن قاد مارسيليا الفرنسي إلى نهائي مسابقة الدوري الأوروبي عام 2018 عندما خسر الفريق النهائي أمام أتلتيكو مدريد الإسباني في ليون.