المحترف

فيكتور أوسيمين.. الفتى الفقير القادم من أدغال إفريقيا “النسر النيجيري”الذي تحول من بائع مياه إلى نجم في سماء الكالتشيو

بين أزقة الأحياء الشعبية في مدينة لاغوس النيجيرية، نشأ شاب، لم يكن يوماً ليتوقّع أنه سيصبح من بين أفضل لاعبي الدوري الفرنسي الممتاز.. فيكتور أوسيمين، يقدّم موسماً استثنائياً مع نادي نابوليالإيطالي. لم يكن فيكتور ليصل إلى ما هو عليه اليوم لولا العمل الكبير الذي قام به أخوه الأكبر أندرو، بعدما تحمّل مشقّة الحياة الصعبة في نيجيريا بهدف بلوغ أخيه العالمية.. ولد فيكتور أوسيمين في 29 ديسمبر 1998 في مدينة لاغوس النيجيرية من أب وأم نيجيريين. اكتسب شغفه في لعبة كرة القدم بسبب تعلّقه الكبير بأخيه الأكبر أندرو، الذي كان قد بدأ مشواره الكروي محلياً وكان من بين أبرز لاعبي البلدة التي كانت العائلة «الفقيرة» تقطن فيها. أندرو، وبسبب الفقر الذي كانت تعاني منه العائلة حينها، قرّر الاستغناء عن حياته المتعلقة بكرة القدم، والذهاب إلى الشارع، متحدّياً شقاء الحياة من خلال بيعه عبوات المياه للمارة.

كان للمهاجم الإيفواري ديدييه دروغبا قطعة من قلب فيكتور

مساعدة العائلة لم يكن هدف أندرو الوحيد الذي دفعه ليدخل عالم العمل والتحديات الصعبة، فالغاية الأخرى التي دفعته لينتج المال هو فيكتور نفسه، أخوه الأصغر بين إخوته الخمسة. رأى أندرو فيه موهبة كروية مميزة، ومن واجبه أن يعمل على تطويرها وعلى مساعدة والدهما لكي يصبح فيكتور لاعباً حقيقياً (كان هدف أندرو هو تسجيل أخيه فيكتور في إحدى الأكاديميات المحلية في نيجيريا). من هنا، وتحديداً من مدينة لاغوس، بدأ مشوار فيكتور أوسيمين في عالم كرة القدم.. فيكتور، بالإضافة إلى أندرو والعائلة، كانوا من بين أبرز المشجعين لفريق «سوبر إيغلز» المحلي النيجيري. لاعب نابولي الحالي كان متعلّقاً ومشجعاً حقيقياً لنادي تشلسي الإنجليزي، فكان للمهاجم الإيفواري ديدييه دروغبا «أيقونة» تشلسي السابق وأحد أبرز وأهم اللاعبين الأفارقة، قطعة من قلب فيكتور، وهو يعتبره مثالاً أعلى في عالم كرة القدم.

كشافو المواهب أعلنوا لمسهم لشيء مميز في فيكتور أوسيمين

أندرو، لم يتوقّف عن مساعدة أخيه الأصغر فيكتور، فكان لديه الخيار في دخول المدرسة واستكمال تعليمه الأكاديمي، إلّا أنه رفض الفكرة تماماً، وذلك بسبب توجهه إلى الانخراط في مجال العمل وفي سنّ مبكر أيضاً، وبالتالي تأمين المال الكافي لفيكتور لكي يستمر في بناء مستقبله الذي كان أندرو نفسه مؤمناً به كثيراً. لم يأخذ الأمر الكثير من الوقت، حتّى جاء كشافو المواهب وأعلنوا لمسهم لشيء مميز في فيكتور أوسيمين، الذي وقّع على أول تجربة احترافية بالنسبة له مع أكاديمية «ultimate strikers» التي آمنت به وبقدراته، ومع دخوله الأكاديمية، بدأت أبواب النجاح تُفتح أمام فيكتور. الشاب النيجري الذي كان يساعد عائلته من خلال بيع عبوات المياه، تلقى دعوة من مدربه أمونيكي ليكون حاضراً ضمن منتخب نيجيريا لما دون 17 سنة، ليصبح أوسيمين مشاركاً في الإنجاز المميز لهذا المنتخب الجميل، والذي تمثّل بالتأهل إلى بطولة كأس العالم تحت 17 سنة.

قدّم أوراق اعتماده التي لاقت اهتماماً من قِبل كشّافي المواهب

مع تأهّل منتخب بلاده لبطولة كأس العالم لما دون 17 سنة، والتي أقيمت في أميركا اللاتينية وتحديداً في تشيلي، قدّم فيكتور أوسيمين أوراق اعتماده التي لاقت اهتماماً كبيراً من قِبل كشّافي المواهب المتخصصين لدى الأندية الأوروبية. هي بطولة أوسيمين بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، 10 أهداف سجلها أوسيمين في كأس العالم، وهو أكبر عدد أهداف سُجّل من لاعب واحد من بين لاعبي المنتخبات المشاركة، إضافة إلى حصده جائزة الكرة الفضية كثاني أفضل لاعب في البطولة. بكل بساطة، شكّلت بطولة كأس العالم معبراً بالنسبة إلى فيكتور، الذي سلكه وبأفضل الطرق، وبرهن على أن قدراته تستحقّ أفضل الأندية الأوروبية.. في 2015، تمكّن من حصد جائزة أفضل لاعب شاب أفريقي في العالم، الجائزة التي جعلت العروض تنهال على أوسيمين، من بينها عروض من أندية إنجليزية كبيرة، كمانشستر سيتي، آرسنال وتوتنهام.

كان هدف فيكتور الأول هو مساعدة عائلته وليس النجومية

أوسيمين اختار عرض نادي فولفسبورغ الألماني في نهاية المطاف، نظراً إلى ارتفاع المردود المالي في العرض مقارنة بعروض الأندية الإنجليزية الأخرى. كان هدف فيكتور الأول هو مساعدة عائلته وليس النجومية، ولهذا السبب اختار النادي الألماني (أعلن أوسيمين في وقت لاحق أن ألمانيا هي أفضل الدول التي عاش فيها). بعد تجربته المميزة في كأس العالم، وتوقيعه عقده الاحترافي الأول مع أحد الأندية الأوروبية، لم تسِر الأمور بالشكل المطلوب بالنسبة إلى أوسيمين، فبعد انقضاء 4 أشهر في فولفسبورغ، أصيب في كتفه، وابتعد عن الملاعب لما يفوق السنتين (هي إصابة مزمنة تعرّض لها أوسيمين وجعلته عرضة للإصابة أكثر من غيره من اللاعبين على مستوى الكتف).

عدسات الكاميرات توجهت إلى الشاب النيجيري (22 عاماً)

في 2018، وبعد أن ضاع حلم الشاب صاحب الـ19 عاماً حينها في اللحاق بمنتخب بلاده نيجيريا لخوض مونديال روسيا 2018، قبل النادي البلجيكي شارليروي التعاقد مع فيكتور على سبيل الإعارة، ومنذ ذلك الحين، استعاد أوسيمين ثقته بنفسه وعاد أفضل ممّا كان، ليقدّم موسماً استثنائياً برفقة النادي البلجيكي لعب خلاله 36 مباراة وسجّل 20 هدفاً، وفي جويلية 2019، انتقل أوسيمين إلى ناديه الفرنسي ليل، منذ ذلك الحين، قدّم أوسيمين أداء مميزاً في فرنسا. سجّل النيجيري الصاعد في الموسم الماضي (2019 ـ 2020) 17 هدفاً وقدم 5 تمريرات حاسمة خلال 34 مباراة خاضها، وهذا ما سيؤدي إلى توجيه عدسات الكاميرات إلى الشاب النيجيري (22 عاماً)، إضافة إلى عيون المتابعين وكشافي الأندية الأوروبية الكبرى، ولسوء الحظ، عاد «شبح الإصابات» من جديد ليزور أوسيمين، بعد أن تعرّض لإصابة خلال مباراة فريقه في الدوري أدّت إلى خروجه من الملعب، ليعودبعدها لتقديم العروض المميزة.

اللاعب الذي رفض إغراءات ليفربول ومانشستر يونايتد

حينما استقر النيجيري فيكتور أوسيمين، مهاجم نابولي الحالي، على وجهته القادمة، آتيا من نادي ليل الفرنسي حينها، ذكرت صحيفة “ليكيب”، أن أوسيمين رفض عرضين من ليفربول ومانشستر يونايتد، التزاما باتفاقه الأدبي مع مسؤولي نابولي الإيطالي، وتابعت أن مسؤولي ليل ونابولي تفاوضوا كثيرا في ذلك الوقت لإتمام الصفقة، ورغم العقبات التي واجهت الصفقة، إلا أن إدارة ليل أصرت على انتقال اللاعب النيجيري إلى صفوف نابولي، وقالت صحيفة ليكيب حينها، إن إدارة ليل خططت لبيع أوسيمين مقابل 81 مليون أورو، لكن وبرفض اللاعب عروض ليفربول ومانشستر يونايتد اضطر النادي الفرنسي للخضوع لمطالب لاعبه ونادي نابولي.

هكذا صدمت الجوهرة الإفريقية مورينيو بشرط تعجيزي

وكان مهاجم ليل السابق، قد وضع شرطا واحدا للتفاوض مع توتنهام، بهدف الانتقال إلى صفوفه، وفقا لما ذكرته تقارير صحفية في ذلك الوقت،
وأكدت صحيفة “ذا صن”، أن الدولي النيجيري البالغ من العمر 22 عاما، لم يضع توتنهام كوجهة محتملة، طالما أن هداف الفريق هاري كين باق في الفريق.. جاء ذلك على لسان وكيل أعمال اللاعب أريو إيجباييلولا، الذي قال في تصريحات لصحيفة “ذا كايبل” النيجيرية: “لقد أخبرنا مدرب توتنهام جوزيه مورينيو، أنه في حال أراد فيكتور، هل سيرحل هاري كين؟”، وأضاف: “إذا كان كين ما زال لاعبا في صفوف توتنهام، هل سيلعب فيكتور كذلك؟ لأنه في هذه الحالة فإنه سيبقى دائما بديلا”، وزاد: “كين هدافهم الرئيسي، وهو قائد منتخب إنجلترا، كل هذا سيعمل بالنسبة إليه مع النادي لكن على حساب فيكتور، إنه يحتاج لناد يستطيع فيه لعب المباريات كاملة كل أسبوع، وليس فقط البقاء على الدكة”.

نجم نابولي يعلن سقوطه في فخ كورونا

أعلن نادي نابولي الإيطالي، قبل أسابيع، إصابة نجم الفريق بفيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، رغم عدم ظهور أي أعراض عليه، وقال نابولي، في بيان رسمي، عبر حسابه على “تويتر”: “فيكتور أوسيمين المهاجم النيجيري أجرى مسحة طبية، وجاءت نتيجتها إيجابية، حيث أثبتت أنه مصاب بفيروس كورونا، لكنه لا يعاني من أي أعراض، ولم يلتق مع بقية زملائه”، ويعاني أوسيمين من فترة سيئة، خاصة أنه لا يزال في مرحلة التعافي من إصابة الكتف التي تعرض لها وأبعدته عن معظم مباريات الفريق هذا الموسم، ويستعد نابولي لمواجهة الكثير من منافسيه في الجولات المقبلة من بطولة الكالتشيو، ما يتطلب التواجد المستمر والنشط لنجمه النيجيري الشاب.

غاتوزو: “أوسيمن يتمتع بعقلية رجل في الأربعين”

من الصعب إرضاء جينارو غاتوزو مدرب نابولي لكنه كال المديح بطريقة نادرة للوافد النيجيري فيكتور أوسيمن، ووصفه بأنه “شاب يتمتع بعقلية رجل في الأربعين”، وخاض أوسيمن، الذي أصبح أغلى صفقة في تاريخ نابولي بعد انضمامه من ليل مقابل 70 مليون أورو، وفقا لتقديرات وسائل الإعلام، مباراته الأولى في دوري الدرجة الأولى الإيطالي وترك بصمة سريعة في الفوز (2-0) على بارما، وقال غاتوزو “أبهرتني جدية أوسيمن في الأداء. لم ينس من أين جاء والتضحيات التي فعلها”، وأضاف “بنى نفسه بنفسه وأقدّر عزيمته وإصراره. إنه شاب لكن لديه عقلية شخص في الأربعين من عمره وأتمنى ألا يرتكب أخطاء وألا يتغير مستواه”، ونشأ أوسيمن (22 عاما) وسط ظروف صعبة في لاغوس وفقد أمه في سن صغيرة وكان يبيع مع أشقائه زجاجات المياه للسائقين العالقين في الزحام في لاغوس لمساعدة أسرته.