سيرتبط فوز ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بشخصية وحافز وشغف مدربه يورغن كلوب الذي غيّر تاريخ “الريدز”، غير أن هذه الصفات الفردية تتناقض مع أسلوب الإدارة الذي يتجنب السيطرة المطلقة، وتولى كلوب تدريب فريق فشل في حصد لقب الدوري منذ 1990 ويترنح جراء تفريطه في اللقب مع المدرب بريندانرودجرز في 2014، وكان التأثير الفوري للمدرب الألماني هو غرس الحماس والثقة التي كان النادي في أمسّ الحاجة إليهما، وقال كلوب “لأن الشعور العام كان كئيبا فأعتقد أن هذا الأمر أعاد الحياة”، وكان دليلا واضحا في الأشهر الأولى لولايته، وبينما نال كلوب حب الجماهير بأسلوب تعامله، كان في الكواليس يطبق نهجا تجاوز الصخب وهو ما وصفه خلال فترته في بروسيا دورتموند بأنه “هيفي ميتلفوتبول”، في إشارة إلى نوع الموسيقى الصاخب.
هذا هو النهج الذي سار عليه المدرب الألمانيمنذ البداية
وقال كلوب في مقابلة حديثا “لا تتظاهر بأنك تعرف كل شيء، ويجب أن تكون مستعدا للاعتراف بذلك، هذه ليست فلسفة حقيقية، بل أسلوب حياتي، يجب أن تكون محاطا بأشخاص لديهم معرفة أفضل منك في مختلف الأمور”، وهذا بالضبط النهج الذي سار عليه كلوب منذ البداية، وأوضح أنه لن يدير كل شيء في النادي، وأجاب عندما سأله أحد المسؤولين عن الموعد الذي يريد فيه انطلاق حافلة الفريق للذهاب إلى الملعب قبل المباراة “لماذا تسألني أنا؟”، وكان المدربون السابقون يحددون مثل هذه الأمور دائما، لكن كلوب قال شيئين ردا على ذلك، أولا هناك أمور أكبر تشغل باله، والثاني وهو الأهم إن هناك من يمكنهم الإجابة عن هذه الأسئلة بشكل أفضل.
شراكة ساهمت في إكمال القطع المهمة الناقصة في التشكيلة
وتخلت أندية الدوري الممتاز عن أسلوب الإدارة المنفرد المتمثل في “الرئيس” الذي يتعامل مع الانتقالات والعقود ومواعيد تحرك الحافلة والتدريبات والخطط والتشكيلة، ومع ذلك يأخذ كلوب التفويض على محمل الجد أكثر من الآخرين، وكان نهجا اتبعه في دورتموند عندما شرح لماذا، على العكس من المدربين الآخرين، لا يتنقل لاكتشاف المواهب، وأضاف “لن أسافر حول ألمانيا لاكتشاف المواهب.. هذا غير منطقي، يجب أن تقول لمكتشف المواهب: هذا ما أبحث عنه وعندما تجد لاعبا اتصل بي”، ويملك ليفربول، مثل الأندية الكبرى الأخرى، إدارة مكونة من المتخصصين في اكتشاف المواهب والاستفادة من المعلومات، إضافة إلى المشاهدة والاستماع، وعندما يتعلق الأمر بالانتقالات، يتعاون كلوب مع المدير الرياضي مايكل إدواردز، وهي شراكة ساهمت في إكمال القطع المهمة الناقصة في التشكيلة الفائزة باللقب.
موهوب في نقل المعلومة للاعبين بطريقة موجزة وفعالة
كما أن هناك تركيزا على المتخصصين في التحليل والعلم الرياضي أيضا حيث يعمل كلوب على أساس “الحاجة إلى المعرفة”، وعندما يتلقى كلوب معلومة مهمة فهو موهوب في نقلها للاعبين بطريقة موجزة وفعالة، وكثيرا ما يفعل ذلك بنفسه بدلا من تركها للآخرين الذين يتعاملون بالأجهزة اللوحية، وقال المحلل في النادي مارك ليلاند “إنه على مستوى مختلف فيما يتعلق بمعرفته بموعد تقديم المعلومة أو ما يجب أو لا يجب تقديمه”، ويسرع كلوب (53 عاما) في وضع ذراعه حول لاعبيه، كما أنه موهوب في الاستماع والتوجيه أيضا، لكن هذا النهج المريح أو الأقرب للرعاية يخفي الجانب الأكثر صرامة، لذا فهل هو “مدرب” أم قائد متطلب؟لا توجد أي شكوك لدى كلوب “الأمران.. صديق وقائد متطلب”، إنه المزيج الرابح.
ماذا تعرف عن التقني الألمانيالأشقر؟
وُلد يورغن كلوب في 16 جوان 1967 في شتوتغارت في ألمانيا، كان والده نوربرت كلوب لاعب كرة قدم، في حين أن والدته إليزابيث كلوب كانت مندوبة مبيعات.. أمضى كلوب معظم طفولته في قرية غلاتن الألمانية، وكانت كرة القدم شغفه، فحلم بأن يصبح لاعبًا ومدربًا ناجحًا في هذه اللعبة.. انضم كلوب منذ الصغر الى نادي الهواة إيرزينغين، وفي عام 1986 صعد الى الفريق الأول موقعاً على أول عقد احتراف له، ثم انتقل الى فريق بفورزيم عام 1987،ليتنقل بعدها بين أكثر من فريق ألماني حتى وصوله الى فريق ماينز عام 1990.. أمضى كلوب معظم وقته كلاعب مع فريق ماينز، حيث لعب هناك 15 عاماً ولعب كظهير أيمن، مسجلاً 52 هدفًا، وبعد اعتزاله تم تعيينه مدربًا للفريق وذلك عام 2001.
وقّععام 2008 عقدًا مع نادي بروسيا دورتموند ليستلم إدارته الفنية
أشرف كلوب على تدريب نادي ماينز لمدة سبع سنوات قاده خلالها للوصول الى بطولة الدرجة الأولى في الدوري الألماني للمرة الأولى في تاريخه، وتأهل في موسم 2005\2006 مع الفريق إلى الدوري الأوروبي، ووقّع في ماي عام 2008 عقدًا مع نادي بروسيا دورتموند ليستلم إدارته الفنية، في الموسم الأول احتل كلوب مع دورتموند المركز السادس ثم احتل المركز الخامس في الموسم التالي، لكن في موسم 2010\2011، انفجر مع فريقه بقيادته لتحقيق لقب الدوري الألماني متخطياً بايرن ميونيخ وكل باقي الأندية الألمانية القوية، وتمكن كلوب من الحفاظ على لقبه في الموسم التالي، محققاً سلسلة من 28 مباراة دوري بلا هزيمة، وحقق انجازاً آخراً في ذلك الموسم بالفوز بلقب الكأس، ما يعني الفوز بالثنائية المحلية للمرة الأولى في تاريخ النادي الأصفر.
انتقل لتدريب ليفربول الإنجليزي في أكتوبر 2015
في موسم 2012\2013، صب كلوب تركيزه على دوري أبطال أوروبا، وكانت مسيرته ناجحة للغاية بتخطيه دور المجموعات متفوقاً على مانشستر سيتي وأجاكس، مكملاً الطريق نحو النهاية ليتواجه مع الغريم الألماني التقليدي بايرن ميونيخ ويخسر في المباراة النهائية، وخسر في وقتها مباراة السوبر وأقصي من الكأس، واستمر كلوب مع بوروسيا دورتموند لموسمين آخرين، ولكن نتائجه مع الفريق بدأت تفقده الثقة بنفسه ونوعاً ما ليبدأ بالتفكير بمهمة جديدة بعيدة عن بوروسيا دورتموند، ليختار ليفربول حيث انتقل لتدريب الفريق الإنجليزي في أكتوبر 2015، وسرعان ما وضع كلوب لمسته السحرية مع ليفربول، وهو بدأ بعمل كبير لإعادة النادي الإنجليزي الى مكانته الحقيقية بعد غياب طويل عن البطولات، فوصل معه في موسمه الأول إلى نهائي الدوري الأوروبي قبل أن يخسره أمام اشبيلية الاسباني، وخسر لقب كأس الاتحاد الإنجليزي أمام مانشستر سيتي.
قاد فريقه أخيرا للفوز بلقب رابطة أبطال أوروبا أمام توتنهام
لكن كلوب لم يتوقف هنا، بل تابع عمله الدؤوب لتشكيل أفضل فريق ممكن وبدأ بضم لاعبين مميزين تألقوا فور وصولهم الى ليفربول مثل ساديو ماني ومحمد صلاح وغيرهم من اللاعبين، إضافة الى اعتماده على لاعبين من المدرسة فصقل مواهبهم وأصبحوا أساسيين في تشكيلته، وفي موسم 2017-2018، وصل ليفربول مع كلوبإلى نهائي دوري أبطال أوروبا، في نفس الموسم كان الصراع كبيرا على لقب الدوري الإنجليزي، ولكن في النهاية فشل ليفربول بالفوز على الريال في نهائي دوري الأبطال ولم يتمكن من تحقيق لقب الدوري المنتظر، وفي الموسم التالي، وبنفس العزيمة خاض ليفربول معركة على كل الجبهات، ليصلإلى النقطة 97 في الدوري لكنه خسر أمام منافس لا يُقهر هو مانشستر سيتي، ولكن هذه المرة تمكن أخيراً من كسر حاجز النهائيات وفاز في نهائي دوري الأبطال على توتنهام.
زوجته الشقراءكانت السبب في عودة “الريدز” للأمجاد
هذا الموسم، قاد ليفربول لواحدة من أفضل مواسمه على الإطلاق، فابتعد بأكثر من 21 نقطة عن أقرب منافسه في الدوري الإنجليزي، وكان على بعد 6 نقاط فقط من حسم اللقب قبل توقف الموسم بسبب تفشي فيروس كورونا، ليستعيد المنافسة من جديد، ويتوج رسميا بلقب البريمرليغ بعد غياب عن منصة التتويج لثلاثين عاما بالتمام والكمال، ويرجع العديد من المحبين للنادي الانجليزي الفضل في عودة الفريق للمدرب كلوب، ولكن لا يعلم أحد أن إحدى الأسباب الرئيسية لعودة النادي العملاق لأمجاده هي أولا ساندروك زوجة المدرب الالماني، فيبدو أن ليس اللاعبين فقط من تتحكم زوجاتهم في قراراتهم الخاصة بالانتقال لأندية وبلدان معينة مثل ما حدث مع بيكهام وديماريا وإيكارديوواين روني، ولكن زوجات المدربين أيضاً يقومون بنفس الأمر وهذا ماحدث مع كلوب وزوجته أولا ساندروك.
رفضت التحاق زوجها بالمان يونايتد وفضلت عليه ليفربول
عندما كان كلوب في آخر عام له مع نادي بوروسيا دورتموند، أراد المدرب الألماني الذهاب لتدريب نادي مانشستر يونايتد الذي كان أقال المدرب مويس في هذه الفترة وكان لديه رغبة شديدة للقيام بذلك، ولكن زوجته أولا ساندروك منعته من ذلك ورفضت تماماً فكرة ذهابه إلى اليونايتد ويبدو أنها علمت أن الأمور لن تكون جيدة مع الشياطين الحمر، وبعدها بفترة تم عرض تدريب ليفربول علىكلوب والذي استشار زوجته والتي بدورها دعمت القرار بشكل قوي ووافقت ووجدت أنها خطوة صحيحة في مسيرة المدرب الألماني، وبالفعل جاء كلوب إلى ليفربول ليتغير كل شيء وينفض التراب عن هذا النادي العريق ويعيده إلى منصات التتويج ويجعله أقوى فرق أوروبا في الوقت الحالي لتصبح بعدها أولا ساندروك زوجة كلوب سبباً رئيسياً في عودة ليفربول لأمجاده.
كان مانشستر يونايتد يرغب في التعاقد معه في عام 2014
كما خرج فيل تومبسون نجم ليفربول في السبعينيات والثمانينات ليؤكد هذه المعلومة ويكشف أن زوجة المدرب كلوب تسببت في منع الألماني من تدريب فريق مانشستر يونايتد قبل انتقاله إلى الأنفيلد، وكان مانشستر يونايتد يرغب في التعاقد مع كلوب في عام 2014، عندما كان يدرب فريق بوروسيا دورتموند، وذلك بعد إقالة ديفيد مويس، وانتقل كلوب في النهاية إلى ليفربول في عام 2015، وقال تومبسون في تصريحات نشرتها صحيفة “ديلي إكسبريس”:”سألت كلوب يومًا ما إذا كان هو وليفربول خُلقا لبعض، بعد ذلك نظر كلوب لي ثم أخبرني أنه كان في إمكانه تدريب مانشستر يونايتد، وأوضح لي أن زوجته أخبرته أن تلك الخطوة ليست صائبة، وعندما حصل على عرض من ليفربول، أكدت له زوجته أن هذه الخطوة صحيحة، الأمر يبدو غريبًا، يبدو وكأن كلوب يتناسب فقط مع ليفربول”.