ملعب الريان “المونديالي” يفتح ذراعيه لعشاق الكرة المستديرة
تحفة معمارية بـ 7 نقوش تاريخيةتجسّد ماضي قطر وحاضرها
ستةأعوام كانت كافية لهدم وإعادة بناء ملعب الريان الذي ينتمي اسمه للمدينة التي تعد من أعرق المدن القطرية، وتتزين واجهته الخارجية برموز من الثقافة القطرية.. الريان رابع ملاعب مونديال قطر 2022 جاهزية، يروي قصة شعب قطر وتاريخه من خلال 7 نقوش تراثية مجتمعة من كل المناطق، لتؤلف واجهة موحدة للملعب، وقد استمدت هذه النقوش من مراحل التطور والتحول المتعددة للمعمار القطري، وجمعت معا في إطار عصري يتضمن تاريخ قطر الغني بحاضرها ومستقبلها، ولعل أهم ما يميز هذا الصرح الرياضي الذي تم افتتاحه مساء الجمعة المنقضي بمناسبة نهائي كأس أمير قطر، هو ارتباطه الوثيق بالثقافة القطرية، إذ يجسد تصميمه أصالة التراث والبيئة، بأشكاله الهندسية وزخارفه البديعة التي تعكس ملامح قطر ونمط الحياة فيها، وتجتمع في شكل درع يرمز إلى معاني الوحدة والقوة والترابط التي لطالما عرف بها أهل قطر.
ملعب منسجم مع الطبيعة الجغرافية والنسيج المجتمعي المحيط به
وتكمن أهمية تصميم الملعب الشبيه بالكثبان الرملية، والحائز على 3 شهادات مرموقة في استدامة التصميم والبناء وإدارة التشييد وكفاءة استهلاك الطاقة من المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة، في كونه تحفة معمارية ستغدو معلما يرمز للثقافة والتراث والتقاليد القطرية، بكل ما تحمله من جمال وتجرّد، جامعة بين صورة الماضي ووعد المستقبل المشرق، ورأى السيد خالد النعمة نائب مدير إدارة الاتصال باللجنة المحلية المنظمة، أن ملعب الريان منسجم مع الطبيعة الجغرافية والنسيج المجتمعي المحيط به، كما أن هيكله الحديدي الخارجي يجسد التعاضد واتحاد المجتمع في دولة قطر، وقال النعمة إن الملعب سيؤدي دورا رائدا في تحقيق الهدف الرئيسي لتعزيز أساليب الحياة الصحية في قطر، وذلك عبر الإرث الذي سيستفيد منه أهل المنطقة، من مرافق رياضية مختلفة وملاعب كرة القدم، وكريكيت، ومسارات لركوب الخيل والدراجات الهوائية، ويتمثل إرث الملعب في كونه سيصبح بعد المونديال مقرا لنادي الريان، أحد أعرق الأندية القطرية، فضلا عن تنمية المنطقة المحيطة به من خلال الفنادق والمجمعات التجارية، ومترو الدوحة، وكذلك الطرق الجديدة، وفقا للنعمة.
50 مليون ساعة عمل لإنجاز رابع ملاعب المونديال
وأبدى النعمة فخره بإنجاز رابع ملاعب المونديال، مشيرا إلى الانتهاء من ملعب البيت في مدينة الخور وأنه يتبقى افتتاحه فقط، كما أن الأعمال جارية في ملاعب لوسيل والثمامة وراس أبو عبود، بحيث سيتم الانتهاء من جاهزية جميع الملاعب قبل عام من انطلاق البطولة، وسجل ملعب الريان -الذي شهد تدوير المواد الناتجة عن إزالة الملعب القديم- الحد الأدنى من مخلفات البناء والهدم، وحقق المشروع معدل استفادة من نواتج الحفر بنسبة تجاوزت 90%، وفقا للنعمة، ووصل عدد العمال في مشروع ملعب الريان خلال مراحل البناء والتشييد نحو 8 آلاف عامل، بينما تخطت ساعات العمل 50 مليون ساعة، وحقق المشروع رقمين مهمين في السلامة العمالية من خلال بلوغ 20 مليون ساعة عمل مرتين دون تسجيل حوادث.
150 ألف متر مربع من المساحات الخضراء في محيطه
ويتميز مشروع الملعب الذي تصل مساحته الإجمالية إلى نحو 450 ألف متر مربع، باتخاذه تدابير خاصة بشأن كفاءة استخدام الكهرباء والماء، من أجل تخفيض البصمة الكربونية للملعب بدرجة أكبر، إلى جانب 150 ألف متر مربع من المساحات الخضراء في محيطه والتي ستحتضن نباتات متوطنة لا تستهلك الكثير من مياه الري وتكون متعة للناظرين، وأخذت معايير الاستدامة بعين الاعتبار عند تصميم الأجزاء المكونة للمنطقة المحيطة بالملعب، فبعد المونديال ستنخفض الطاقة الاستيعابية للموقع المكون من 40 ألف مقعد إلى النصف، وسيتم تفكيك النصف الآخر من المقاعد ومنحها لمشاريع تطوير كرة القدم حول العالم، ويقع ملعب الريان على مقربة من محطة الرفاع في الخط الأخضر لمترو الدوحة، مما يتيح للمشجعين سهولة الانتقال إلى الملعب، كما سيسهل طريق دخان السريع آلية التنقل من الملعب وإليه، وستكون هناك حافلات لنقل الجماهير من مواقف مجاورة.
استهلاك مستوى أقل من الطاقة بنسبة 20% مقارنة بمنشآت مماثلة
وتولت شركات محلية تنفيذ أعمال شكلت أكثر من 50% من التكلفة الإجمالية للملعب، إضافة إلى تأمين 15% من المواد المستخدمة في البناء من مصادر معاد تدويرها، كما تضمن أنظمة كفاءة الطاقة استهلاك مستوى أقل من الطاقة بنسبة 20% مقارنة بمنشآت مماثلة، واستهلاكا أقل للمياه بنسبة 20% بفضل التجهيزات المتطورة، وإعادة استخدام المياه في ري المساحات الخضراء، علاوة على زراعة نباتات متوطنة لا تستهلك الكثير من مياه الري، وأكد مدير إدارة مشروع ملعب الريان المهندس عبد الله الفيحاني، أن الملعب يتميز عن بقية ملاعب المونديال بكونه الملعب الوحيد الذي تم هدمه بالكامل وإعادة بنائه من جديد، مشيرا إلى الاستفادة من جميع مكونات الهدم، واستخدامها في إعادة البناء وملاعب التدريب، وقال الفيحاني إن الملعب تم الانتهاء منه في الإطار الزمني المخطط له وبالميزانية المحددة، لافتا إلى أنه سيظهر في أبهى صورة خلال حفل الافتتاح الذي شهد الجمعة نهائي كأس أمير قطر، ويقام ضمن احتفالات الدولة باليوم الوطني.
7 نقوش تاريخية تمثل قيم الولاء والوحدة والعزيمة
وتتألف واجهة ملعب الريان من نقوش 7 رموز مختلفة، هي : درع الريان، والنخلة، وزهرة الرمال، والسلسلة، ودوامة الموز، وقلب الجوز، وخاتم العروس، ونقش درع الريان الذي يربط النقوش الستة الأخرى ببعضها في نسيج متناسق، فيمثل قيم الولاء والوحدة والعزيمة، بينما يعكس النقشان الثاني والثالث مكونات البيئة القطرية، من النخل الذي يميز واحات الصحراء، إلى زهرة الرمال التي ترمز للنباتات التي تزين مساحات الرمال الشاسعة، ويظهر طابع قطر الحيوي السريع التطور ورؤيتها الوطنية لأمة مزدهرة في رؤية 2030، عبر النقشين الرابع والخامس: السلسلة ودوامة الموز، وهما مستوحيان من التجارة التي ارتكز عليها الاقتصاد القطري لقرون، أما النقش السادس: قلب الجوز، فهو رمز مشهور للسوق، ويعكس أسلوب الحياة الصحي الذي تقدمه مرافق الملعب لسكان الريان.
تجربة متميزة في انتظار نحو مليون زائر لمونديال 2022
على صعيد آخر، توقعت المديرة التنفيذية لإدارة الاتصال في اللجنة العليا للمشاريع والإرث فاطمة النعيمي حضور نحو مليون زائر لمشاهدة مباريات مونديال قطر 2022، وقالت النعيمي في حوار مع وسائل الإعلام عبر تقنية الفيديو إن قرب قطر الجغرافي من دول كبيرة مثل الصين والهند وتركيا، التي لا تبعد سوى ساعات بسيطة، سيسهل كثيرا من عملية السفر للمشجعين الراغبين في حضور مباريات المونديال الذي سينطلق يوم 21 نوفمبر 2022، وأوضحت أن كل الإدارات في اللجنة العليا تجهز لتجربة مميزة للزوار، لتكون الرحلة سهلة منذ حجز تذكرة السفر وحتى وصول إلى الدوحة ثم الوصول لمكان الإقامة، وأكدت أن من أهم البرامج في اللجنة العليا، وبالتعاون مع مؤسسات الدولة والمتطوعين، القيام بإبراز الدور الثقافي لقطر، وتوفير تجربة فريدة للزائرين تبقى في أذهانهم مدى الحياة.
اختبار جاهزية المنشآت واكتشاف أي سلبيات وتعديلها
وأوضحت المديرة التنفيذية لإدارة الاتصال في اللجنة العليا للمشاريع والإرث أن الاستضافات المختلفة التي تقوم بها قطر لعدد من البطولات تساعد بشكل كبير في اختبار جاهزية المنشآت واكتشاف أي سلبيات وتعديلها لتكون الأمور على أحسن ما يكون لدى استضافة أول مونديال في الشرق الأوسط، ومن جانبه، قال يوسف الحمادي مدير أول للعلاقات مع الإعلام المحلي والإقليمي باللجنة العليا للمشاريع والإرث إن البطولة تعد بمثابة فرصة ذهبية لمنطقة الشرق الأوسط بالكامل لتصحيح التصورات الخاطئة حول ثقافة هذه المنطقة، مؤكدا أنها ستكون أهم تجمع كروي بعد أزمة كورونا، وأشار الحمادي إلى أن قطر ستكون أشبه بقرية أولمبية في ظل تقارب المسافات، حيث لن يضطر المشجعون لقطع مسافات كبيرة لمتابعة مباريات البطولة.
يمكن لـ3.5 مليارات مشجع أن يتابعوا المباريات عبر شاشات التلفزيون
ولمن لا يستطيع القدوم إلى قطر لمتابعة مباريات المونديال، ستكون أوقات بث المباريات ملائمة للجميع وبالتالي يمكن أيضا لـ3.5 مليارات مشجع أن يتابعوا مباريات البطولة عبر شاشات التلفزيون، وشدد الحمادي على أن اللجنة العليا تعمل بالتعاون مع الشركاء على تجهيز باقات متميزة لإقامة المشجعين، مع مراعاة أصحاب الميزانية المحدودة سواء من خلال الإقامة في الفنادق التي تتراوح بين 3 و5 نجوم، بجانب توفير بواخر مجهزة للإقامة وأيضا مخيمات صحراوية، وقال المتحدث إن ثقة الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” (FIFA) في قطر كبيرة، وهذا يتضح من خلال استضافة قطر بنجاح للعديد من البطولات الدولية وآخرها بطولة دوري أبطال آسيا لمنطقتي الشرق والغرب، وأيضا بطولة كأس العالم للأندية التي ستقام في شهر فيفري من العام المقبل، كما ستكون بطولة كأس العرب في أواخر عام 2021 بمثابة بروفة نهائية لمونديال 2022.