نجم و حكايات

هكذا عاش “صاروخ ماديرا” حياته الأسرية وطفولته التعيسة

والده وشقيقه مدمنا مخدرات، والدته سنده الأكبر وشقيقته تتفنن في الدفاع عنه

في جزيزة صغيرة اسمها ماديرا ووسط أسرة صغيرة تتكون من أب وأم وأخ وأختين، أبصر كريستيانو رونالدو النور، وقد أسماه والده رونالدو على اسم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الراحل رونالد ريغان الذي كان يحكم الولايات المتحدة الأمريكية في فترة الثمانينيات وهو الذي كان ممثلا في أفلام “رعاة البقر” قبل أن يصبح رئيسا، شهرة الشخصين كانت ذائعة، فالأول اشتهر كأحد العظماء السياسيين فيما الثاني اشتهر كأحد أشهر اللاعبين في العالم، وقد ساعدت رونالدو البرتغالي الجزيرة الصغيرة التي كان يعيش بها على كسب المهارات الفنية وممارس هوايته المحبوبة، إنها جزيرة ماديرا التي لم ينفصل عنها يوما “الدون” رغم ما بلغه من مجد وشهرة وثروة وغنى.
مع كل النجاح الذي حققه يشوبه الحزن عندما يُفكر في حياته الأسرية
تمتع نجم جوفنتوس، البالغ من العمر 34 عامًا، كريستيانو رونالدو، بمسيرة متميزة سمحت للجماهير والنقاد بوصفه الأفضل على الإطلاق، خاصةً مع توالي إنجازاته رفقة منتخب البرتغال وسط خيبات آمل ليونيل ميسي مع الأرجنتين.. بعد الانضمام إلى صفوف مانشستر يونايتد والتألق بصورة ملحوظة في سن المراهقة، واصل “كريس7” لمعانه رفقة النادي الملكي ريال مدريد، وأصبح معه أحد أكبر الأسماء الرياضية حول العالم وليس في كرة القدم فحسب، لكن كل هذه الصولات والجولات، وكل تلك البطولات والألقاب والجوائز الفردية، وكل هذا النجاح يشوبه الحزن عندما يُفكر كريستيانو رونالدو في حياة أسرية مضطربة مع والد مُدمن على الكحول، والأنكى شقيق هو الآخر لم يسلم من لعنة الإدمان والمخدرات.
كان أفييرو مُدمنًا على الكحول وجنديًا في الجيش البرتغالي
كان ـ أفييرو ـ والد كريستيانو رونالدو مُدمنًا على الكحول وجنديًا في الجيش البرتغالي، وسبق وقاتل في أفريقيا، لكنه توفى قبل أن يرى كل ما حققه ابنه.. توفي جوزيه دينيس أفييرو في عام 2005 بسبب فشل في الكبد، عندما كان رونالدو في العشرين من عمره فقط بعد أن أمضى عامين مع مسيرته المشرقة على مسرح الأحلام “أولد ترافورد” بقميص الشياطين الحمر “مانشستر يونايتد”، وخلال مقابلة مع الإعلامي الشهير “بيرس مورغان”، انهار كريستيانو رونالدو، ولم يستطع حبس دموعه عندما سُئل عن ظروف وفاة جوزيه دينيس أفييرو، وكشف رونالدو في مقابلته مع بيرس مورغان “لا أعرف والدي حقًا بنسبة 100 في المائة، لقد كان شخصًا مخمورًا، لم أتحدث معه مطلقًا، مثل المحادثات العادية، لقد كان الأمر صعبًا”.
خاض حربًا لا تحظى بتأييد شعبي لمنع أنغولا من نيل استقلالها عن البرتغال
ذهب والد كريستيانو رونالدو، خوسيه دينيس أفييرو، مضطرًا إلى الخدمة العسكرية، وخاض حربًا لا تحظى بتأييد شعبي لمنع أنغولا من نيل استقلالها عن البرتغال، لقد كانت حرباً خاسرة (ضائعة) بلا معنى، ورأى فيها والد رونالدو وزملاؤه فظائع تركت وصمة عار في عقولهم.. كانت الظروف المعيشية مروعة، بينما كانت تُترك الجنود للموت جوعاً بسبب الإمدادات الغذائية الفاسدة، والأسوأ من ذلك هو أن المرض اكتسح المعسكرات، فقد حُبس الكثير من الرجال مرضى على الأسِرَّة يعانون من الملاريا والحمى، الأمر الذي جعلهم غير قادرين على الحركة لأسابيع، وكان معظم الجنود يعيشون على البيرة الأنغولية، والكوكا، لأن ماء النهر المحلي لم يكن آمنًا للشرب وكان ساخنًا لدرجة أنه لم يستطع إخماد العطش.
عاد رجلاً مكسورًا بعد أن خدم بلده طيلة 13 شهرًا في أفريقيا
كل ذلك كان له تأثير كبير على أفييرو، الذي عاد رجلاً مكسورًا بعد أن خدم بلده، بعد 13 شهرًا في أفريقيا، حيث قاتل أيضًا في موزمبيق، عاد أفييرو إلى البرتغال التي كان يعرفها بالكاد، لأن الديكتاتورية العسكرية التي كانت تحكم البلاد أنفقت الكثير من المال على الحرب، وعانت البرتغال من انهيار اقتصادي رهيب.. لم تكن هناك وظائف في ماديرا، وكان أفييرو بالكاد يستطيع شراء المشروبات في الحانات من الأصدقاء الذين كانوا يعتقدون أنه كان طبيب بيطري في الجيش.. قال صديقه ورفيقه بالجيش جوزيه مانويل كويلو لشبكة إي إس بي إن: “لقد تم التخلي عنا، ولم يكن لدى قدامى المحاربين أي أموال ولا عمل”، مضيفا “بالطبع عندما أرى رونالدو، أتذكر والده: كان لديه مشاكل ولم يكن لديه أي شيء يأكله، لذلك كان يلجأ إلى الشرب.. أصدقاؤه كانوا يشترون له المشروبات. لم يكن لديه أي مال ولم يجد ما يأكله”.
أصبح بستانيًا واستكمل دخله بتولي منصب مسؤول المعدات الزراعية أصبح أفييرو بستانيًا (رجل بستان)، ثم استكمل دخله بتولي منصب مسؤول المعدات الزراعية لـ’أندورينها’، وهو نادي مقره بضاحية فونشال في سانتو أنطونيو، وتم تكليفه بترتيب غرف تبديل الملابس والتأكد من غسل جميع أطقم اللاعبين، وكثيرا ما شوهد أفييرو أيضًا، وهو يشرب في حانة النادي الصغيرة.. لقد حاول رونالدو فعل كل شيء لإبقاء والده على قيد الحياة، لكن أموال العالم لم تستطع إيقاف ما لا مفر منه.. لقد كان رونالدو بجانب والده عندما توفي، وأعلن أنه سيكون أفضل لاعب كرة قدم في العالم، ولم يخلف رونالدو وعده، وفاز بالكرة الذهبية خمس مرات، لكن لسوء الحظ، لم ير والده نجاحه المذهل.
هذا سر بكاء رونالدو أثناء حديثه عن والده الراحل
وكان النجم البرتغالى كريستيانو رونالدو قد انهمر في البكاء، عندما تم عرض صور لوالده الراحل، معربًا عن اعتزازه بإنجازاته ومقطع لوالده خوسيه دينيس أفييرو، يتحدث عنه على عتبة بابه، قبل بطولة كأس أوروبا 2004، التي أقيمت في البرتغال، والذي توفي عن عمر يناهز 53 عامًا بسبب فشل الكبد في عام 2005، والذي افتقد كرستيانو مشاركته الكثير من إنجازاته، وأولاده الأربعة، وقال رونالدو باكيًا، خلال حواره مع الإعلامي بيرس مروغان: “لم أشاهد الفيديو قط.. لم أر هذا الفيديو أبدًا، لا يصدق، أعتقد أن المقابلة ستكون مضحكة ، لكنني لم أتوقع أن أبكي.. لكنني لم أر هذه الصور أبدًا، أنا لا أعرف أين أنت.. يجب أن يكون لدى هذه الصور لتراها عائلتي”.
“لا أعرف والدي، كان شخصا مخمورا، لم أتحدث معه مطلقًا”
وتابع: “لكنني حقاً لا أعرف والدي بنسبة 100 في المائة، كان شخصا مخمورا، لم أتحدث معه مطلقًا، مثل المحادثة العادية.. كان صعبا”، مؤكدًا أن والده تأثر بالحروب في موزمبيق وأنغولا، مضيفاً: “أن أكون رقم واحد ولا يرى شيئاً، ولا يراني وأنا أتسلم الجوائز، ولا ما أصبحت عليه، عائلتي ترى ذلك، أمي، إخواني، حتى ابني الكبير، لكن أبي لم ير شيئا، مات صغيرًا”، وقال قدامى المحاربين في الحرب عن والد رونالدو: “لم يكن لديهم أي أموال ولا عمل، بالطبع عندما أرى رونالدو، أتذكر والده.. كان يعاني من مشاكل ولم يكن لديه أي شيء يأكله، لذلك سوف يلجأ إلى الشرب، لم يكن لديه أي أموال، لم يأكل بشكل صحيح”.
العبارة التي كان لها مفعول السحر على مستقبل “صاروخ ماديرا”
ومن جهته، قال صديق الطفولة لدينس أفييرو، الذي خدم معه في الجيش: “إن الجندي السابق اعتاد أن يتباهى كيف سيكون ابنه أفضل لاعب في العالم يومًا ما”، وكان رونالدو في عمر الـ 20 عاما عندما توفي والده، لذلك فقد رونالدو تواجده في أهم اللحظات، التي مر بها في حياته الخاصة والكروية، ومع ذلك يجب أن يستذكر الجميع ما قاله والد رونالدو لابنه وهو يضع أولى خطواته على درب المجد والشهر.. “أراهن عليك لتصبح أفضل مهاجم في العالم”، هذه هي العبارة التي قالها خوزيه دينيس والد كريستيانو لنجله عندما انضم إلى مانشستر يونايتد، وكان لها مفعول السحر على مستقبل “صاروخ ماديرا”.
كان ملهمه الأول الذي آمن بقدرته في وقت لم يفعل الكثير ذلك
ففي عام 2003، عندما انضم رونالدو إلى “المانيو”، كان لاعبا موهوبا وقويا ولديه الإصرار والقدرة على الاستمرار في الملاعب لمدة طويلة، غير أن والده -الذي أصيب بالاكتئاب وأدمن على الخمر- كان ملهمه الأول الذي آمن بقدرته في وقت لم يفعل الكثير ذلك، وكان دينيس يخبر دائما أصدقاءه بأن كريستيانو سيصبح أفضل مهاجم في العالم، وتقول والدة رونالدو لصحيفة “ليكيب” الفرنسية عام 2018، “في إحدى المرات قال خوزيه لرونالدو -عندما انضم للمانيو- ستصبح أفضل مهاجم في العالم، فرد رونالدو: قد أصبح أفضل لاعب في العالم لا أفضل هدافي العالم”، وتابعت والدة رونالدو أن خوزيه قال لنجله “تراهن، كان دائما يدفعه للإيمان بقدراته”.
ثقة والده دفعته ليعمل بجد ويصبح أحد أفضل اللاعبين في التاريخ
وبعدها بعامين -أي في 2005- نُقل والد رونالدو إلى المستشفى بسبب مشاكل في الكبد مرتبطة بإدمانه على الخمر، فعاد رونالدو إلى البرتغال على وجه السرعة، غير أن المرض لم يمهل خوزيه سوى أيام وفارق الحياة، ومن يومها لم يتناول أي كأس من الخمر مهما كان نوعه، فثقة والده هذه وإيمانه بقدراته دفعت رونالدو ليعمل بجد وإصرار ويصبح أحد أفضل اللاعبين في التاريخ، ويقول “الدون” في إحدى الفعاليات “ليس هناك شيء بالصدفة، الموهبة من دون عمل جدي وإصرار لا قيمة لها”، علما في الأخير أن رونالدو هو الطفل الأصغر لثلاثة أخرين “أخ وأختان”، من ماريا دولوريس دوس سانتوس أفيرو، التي تعمل طباخة، وقد عاش حياته في حي للطبقة العاملة، داخل منزل سقفه من الصفيح كان يطل على المحيط، وشهدت حياته المبكرة المشقة.

محمد.وسيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Powered by Live Score & Live Score App
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: