جيرارد.. القائد الذي صنع أفراح “الريدز” و”فتى المدينة” الملهم
احتفل أحد أهم رموز نادي ليفربول في العصر الحديث ستيفن جيرارد بعيد ميلاده الأربعين يوم السبت المنقضي، في وقت يقترب فيه تتويج الريدز بلقب الدوري، لقب طال انتظاره من قبل العشاق ويعرف قيمته حق المعرفة جيرارد نفسه.. بطولة طال انتظارها أكثر في الشهرين الأخيرين عند عشاق الحُمر، فالجميع يعلم أن ليفربول على بعد مباراة أو اثنتين لإنهاء هذا الجفاف، ولتحقيق لقب يتطلع إليه بمزيج من الفرح والحسرة قائد الليفر السابق الذي أنهى عقده الرابع السبت الفارط.. سن الـ40 هو مفرق طرق هام جداً في عمر الإنسان، وبالنسبة للاعبي كرة القدم هو خلاصة النضج الذي يتحول مرات إلى استخدامه في مهنة المدرب أو الإداري.
طريق عودته إلى الآنفيلد كمدرب سالكٌ عاجلاً أم آجلاً
جيرارد قبل عامين اختار تحويل خبراته لمعارف تدريبية وكانت تجربته الأولى لدى جيرانه في رينجيرز والذي لم يحصل معه على أكثر من 3 جوائز فردية على صعيد أفضل مدرب في الدوري الاسكتلندي في ظل هيمنة سلتيك على الألقاب الجماعية، ويعتقد عدد من مشجعي ليفربول ومتابعي كرة القدم حول العالم، أن طريق عودة جيرارد إلى الآنفيلد كمدرب سالكٌ عاجلاً أم آجلاً، ربما ليس في المدى المنظور، بسبب نجاحات كلوب مع الريدز، ولكنه لابد سيكون خياراً أولياً للإدارة، خصوصاً بتزكية الألماني لرمز ليفربول بأكثر من مناسبة، ولكن حتى ذلك الوقت، سيتذكر عشاق الريدز الذين سيحتفلون بمحمد صلاح ورفاقه من خلف الشاشات بحمل كأس الدوري لهذا الموسم، سيتذكرون بالتأكيد لاعب ما فارق أحلامه ليلة إهداء المناصرين والعائلة لقب البريميرليغ.
سعى طوال مواسمه مع الريدز لمنح العشاق الهدية الكبيرة
ومن غير جيرارد يعرف قيمة هذا اللقب؟ هذا ليس تلميحاً أنه كان سبباً عام 2014 في ضياع اللقب لصالح سيتي بتسبب إنزلاقه بهدف لتشيلسي في مباراة ضد الليفر، كما يحب أن يتذكر خصوم ليفربول، لأنه من المجحف تحميل خطأ غير مقصود للاعب أفنى عز عطاءه لناديه وساهم بشكل كبير في أمجاد النادي التي كتبت في عصره، لكن قيمة الدوري يعرفها جيرارد أكثر من غيره لأنه سعى طوال مواسمه المتتالية مع الريدز لمنح العشاق هذه الهدية الكبيرة، والآن تهدى له وهو خارج الديار، لقد اختبر جيرارد منصات التتويج مذ كان شاباً يافعاً في تشكيلة المدرب جيرارد هولييه، حين فاز بكأس الاتحاد الأوروبي 2001 بتخطي ديبورتيفو ألافيس الإسباني في النهائي بعد مباراة ملحمية احتاج فيها الريدز للأشواط الإضافية حتى ينتصروا5-4، وسجل هدفاً في تلك الأمسية.
أحد صانعي معجزة اسطنبول في عام 2005 ضد ميلان
ثم كان له أدواره الكبرى في معجزة اسطنبول تحت قيادة رافائيل بينيتيز في عام 2005 ضد ميلان، وفي نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي عام 2006، عندما سجل ثنائية ضد وستهام قادت للتعادل 3-3 ومن ثم ركلة ترجيحية ساهمت بدورها بالفوز في ذاك اللقب، وبالتأكيد لن ينسى أحد جيرارد وسيكون لقب الدوري هذا العام هدية رائعة له..هدية لطالما حلم أن يحملها هو لأنصاره، لكن ربما أعادته الأيام ليقدمها كمدرب، خاصة وأن الاسطورة لم تغب هيبتها عن أنصار النادي العريق الذين لازالوا يحملونه في القلب، ويحلمون بمجيئ اللحظة التي يرونه فيها مشرفا على العارضة الفنية لأكبر وأعرق وأفضل ناد انجليزي على مر التاريخ، فهل يتحقق ذلك يوما ما؟
“فتى المدينة” الملهم والقلب النابض للريدز
وحينما نتحدث عن جيرارد، فإنه يجب القول أن الكثير من المدن عبر التاريخ، حملت أسماء شخصيات كانت مؤثرة في تاريخها، تغيّرت أسماؤها ورحل الذين تيمنت بهم، مر الوقت عليها وتطورت وكبرت، ولكنها بقيت تتذكر دئماً هؤلاء الأشخاص، وفي عالم كرة القدم، مجموعة من اللاعبين الذين باتت أسماء الملاعب تحمل أسماءهم، واصبحوا جزءاً من تاريخ وثقافة المدن حول العالم، وفي ليفربول لا شك أن الطفل الذي تربى في كنف ملعب “أنفيلد” واحدٌ من اللاعبين الذين يمكن أن تحمل المدينة اسمه، إنه ستيفن جيرارد، ففي مثل هذا اليوم الموافق لـ30 ماي من العام 1980، ولد جيرارد الذي يعد واحداً من أفضل اللاعبين في تاريخ ليفربول الإنجليزي.
حين أتم عامه الأربعين لن ينسَ أن مسيرته كادت تنتهي قبل بدئها
اللاعب الذي قدم الغالي والنفيس للقميص الأحمر، ولعل نهائي اسطنبول يشهد على ذلك، يوم قَلب ليفربول الطاولة على ميلان في العام 2005 في بطولة دوري أبطال أوروبا، وحقق اللقب بعد خسارة الشوط الأول (0-3)، حيث عاد في الشوط الثاني وتعادل ومن ثم وصل إلى ركلات الترجيح وحقق لقب “أم الأذنين”.. يقول معظم اللاعبين الذين حضروا في تركيا ولعبوا في النهائي أمام ميلان الإيطالي، لقد كان هذا الانتصار من أجل جيرارد، فالمدينة كانت أكثر سعادة لأن جيرارد كان هناك، وحين أتم جيرارد عامه الأربعين، لن ينسَ أن مسيرته كادت تنتهي قبل بدئها، كيف ذلك؟
عند الحديث عنهفي مدينة ليفربول سترى العواطف تتناثر في كل الأركان
عندما كان جيرارد يلعب في الحي مع الأولاد في صغره، كانت الكرة عالقة، فذهب ليحضرها وبدلاً من ركل الكرة، ركل شوكة الحديقة، وعند الذهاب إلى الطبيب قال إن اصبعه يحتاج إلى البتر، ولكن ستيفي تعافى ونجى من الحادثة.. عند الحديث عن جيرارد في مدينة ليفربول، سترى العواطف تتناثر في كل الأركان، جيرارد لم يكن مجرد لاعب وقائد لليفربول، جيرارد جزء من المدينة ولعله من أكثر اللاعبين القادرين على الشعور بما يحدث فيها، ففي “كارثة هيلزبره” التي سقط فيها 96 شخصاً والتي تعد من أسوأ ذكريات المدينة، جيرارد خسر شخصاً من أقاربه لذلك فهو يعرف ما الذي تعنيه هذه الكارثة، حيث كان حينها في الثامنة من عمره وأصغر ضحايا هذه الحادثة كان ابن عمته، وهو جون بول جيليهولي البالغ من العمر حينها 10 سنوات.
ليفربول يحتفل بعيد ميلاده بأحد أجمل أهدافه معه
جيرارد الذي ودع كرة القدم من دون التتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز “البريميرليغ”، والذي كانت آخر ذكرياته في ليفربول قاسية عندما انزلق أمام تشيلسي في موسم 2013-2014 ليتبخر حلم التتويج باللقب، توّج بالعديد من الألقاب مع ليفربول منها دوري أبطال أوروبا في 2005، والدوري الأوروبي “يوروبا ليغ” بتسميته القديمة كأس الاتحاد الأوروبي “يويفا كاب” في العام 2000، ليعتزل جيرارد كرة القدم، ولم يحقق الدوري الإنجليزي لكنه قد يعود يوماً إلى “الريدز” من بوابة التدريب وستكون لديه الفرصة ليحاول من جديد، لكن في انتظار ذلك، وبمناسبة عيد ميلاده الأربعين، لم يفوت ليفربول الفرصة ليحتفل بهدف لا ينسى للاعبه الاسطوري، بعدما الحساب الرسمي للنادي أجمل أهداف ابنه المدلل في مسابقات البريمرليغ.
واللاعبون يحتفلون بالذكرى السعيدة بطريقة خاصة ومثيرة
كما احتفل مع ستيفن جيرارد جميع جماهير ليفربول الذي يعشقون هذا الأسطورة صاحب إنجاز معجزة بطولة دوري أبطال أوروبا والكثير من البطولات والانجازات في تاريخ الريدز، ونشر ليفربول عبر موقعه الإلكتروني الرسمي تهنئة خاصة لستيفن جيرارد وحسابات النادي الرسمي على مواقع التواصل الاجتماعي التي تحتفل بذكرى ميلاد أسطورة الريدز، وقام اللاعبون بالاحتفال وتهنئة جيرارد بعيد ميلاده بطريقة خاصة للغاية في تدريبات الفريق ظهر يوم السبت الفارط، في صورة تعكس المكانة الرفيعة التي يحتلها هذا النجم في قلوب وعقول جميع أفراد أسرة النادي والمدينة ككل، بدليل ما عاشه اللاعب وفريقه وآلاف العشاق طيلة يوم السبت الفارط
هذه خمسة أخطاء كارثيّة ارتكبها النجم الأشقر في مسيرته
لطالما ارتبط اسم ليفربول بفتاه المدلّل ستيفن جيرارد، هذا اللاعب الذي أخلص في الدفاع عن ألوان ناديه، وصنع معه الأمجاد غير مرّة، ولعب في صفوفه مدافعًا شرسًا عن القميص الأحمر لـ17 عامًا، خاض فيها 708 مباراة وسجّل خلالها 185 هدفًا وحقّق 10 بطولات، لن تجد في ليفربول شابًا دافع عن قميص الريدز بكلّ ما يملك مثلما فعل ستيفن جيرارد، فاستحقّ هذا اللاعب الدخول في خانة أساطير النادي التي لا تُنسى، وسبق أن أشرف ستيفن جيرارد على تدريب غلاسكو رينجرز الاسكتلندي، في أولى تجاربه كمدير فنّي، بعد مسيرة حافلة من الألقاب مع ليفربول كلاعب، نال خلالها دوري أبطال أوروبا موسم 2004/2005، وكأس الاتحاد الأوروبي وكأس السوبر الأوروبي، إضافة إلى كأس الدرع الخيرية، وكأس الرابطة التي أحرزها أربع مرّات، وكأس الاتحاد الإنجليزي الذي ناله مرّتين، كذلك لمع نجم خط الوسط بحضوره شبه الدائم مع المنتخب الإنجليزي، مثّل فريق الأسود الثلاثة في تصفيات ونهائيات بطولات كبرى ككأس العالم وكأس أمم أوروبا.
ارتكب هفوات كارثيّة تسبّبت بتغيير خارطة البطولات التي يشارك بها
هذه المسيرة الذهبيّة لستيفن جيرارد مع منتخب بلاده ونادي ليفربول، كان فيها الفتى الإنجليزي أحد أبرز مقوّمات النجاح وعناصره، لكنّه في الوقت نفسه ارتكب هفوات كارثيّة تسبّبت بتغيير خارطة البطولات التي يشارك بها، فبين ليلة وضحاها قد يتحوّل ستيفن جيرارد من صانع للأمجاد إلى جالب للخيبات، فكل اللاعبين معرّضون لارتكاب الأخطاء في لعبة كرة القدم، لكنّ ما ميّز هفوات ستيفن جيرارد هو توقيتها القاتل، إذ تسبّب جيرارد بشكل مباشر وغير مباشر عبر أخطائه في حرمان ناديه ليفربول من لقب البريميرليغ، كذلك شكّلت هفواته مع المنتخب الإنجليزي سببًا رئيسيًا في تغيير نتائج بعض المباريات لصالح الخصوم تارة، وتارة أخرى في وداع البطولات الهامّة ككأس العالم، وهي هفوان وعثرات لا تغتفر في مسيرة النجم الإنجليزي المعتزل وأسطورة ليفربول الخالد.
محمد وسيم