هكذا تدخلت السياسة في قرار نقل نهائي دوري الأبطال من تركيا للبرتغال أردوغان ينتقد نقل النهائي من إسطنبول “العثمانية” إلى بورتو الساحلية
لا يتردد الكثير من المسؤولين الأتراك في التأكيد على أن السبب الرئيسي الذي أدى بالاتحاد الأوروبي لكرة القدم لاتخاذ قرار نقل المباراة النهائية لرابطة أبطال أوروبا بين ناديي تشيلسي ومانشستر سيتي الانجليزيين من ملعب أتاتورك الأولمبي بمدينة اسطنبول التركية إلى ملعب دراغون بمدينة بورتو البرتغالية، إنما يكمن في الاعتبارات السياسية المحضة، وليس الرياضية أو حتى الصحية المرتبطة بوباء كوفيد 19 كما روج له الأوروبيون، ولعل هذا ما جدد التأكيد عليه قبل يومين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حينما قال إن قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) نقل نهائي دوري الأبطال بين مانشستر سيتي وتشلسي من إسطنبول إلى بورتو البرتغالية، كان قرارا سياسيا، مشيرا في تصريحات أدلى بها للتلفزيون التركي “قبل عامين، تم إبلاغنا بأن النهائي سيقام في تركيا، لكن الأمور تغيرت بشكل مفاجئ عندما تأهل فريقان إنجليزيان للنهائي”.
رئيس الوزراء البريطاني مارس الكثير من الضغوط
وأضاف الرئيس أردوغان “لم نتمكن من مجاراة ما فعله رئيس الوزراء البريطاني منذ ذلك الحين، لقد مارس الكثير من الضغوط في هذه القضية”، واشتكى أردوغان من أن محادثات تركيا مع اليويفا ووزراء بريطانيين لم تحقق أي نتائج، وأضاف أن إسطنبول تلقت وعدا باستضافة نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2023، وكان النهائي مقررا في ملعب أتاتورك الأولمبي بإسطنبول، لكن بريطانيا وضعت تركيا في “القائمة الحمراء” من حيث الإصابات بالجائحة، مما يعني أن جماهير إنجلترا لا يمكنها حضور المباراة، لكنها ستسافر الآن إلى بورتو لمشاهدة النهائي في ملعب دراغاو، وكانت هناك مناقشات بشأن نقل المباراة إلى ملعب ويمبلي في لندن، لكن اليويفا قال إنه رغم “الجهود المضنية من الاتحاد الإنجليزي للعبة وسلطات بريطانيا، لا يمكن تحقيق الإعفاءات الضرورية للحجر الصحي في المملكة المتحدة”.
الحكومة البريطانية أجرت “مفاوضات دقيقة” بشأن نقل النهائي
وكانت الحكومة البريطانية قد أكدت قبل أيام وجود “مفاوضات دقيقة” مع “يويفا وآخرين” بشأن نقل نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم بين الناديين الإنجليزيين مانشستر سيتي وتشيلسي، والمقرر في 29 ماي الحالي، إلى ملعب ويمبلي في لندن، وبات الأمر مؤكدا بعد أن قررت الحكومة البريطانية وضع تركيا على قائمتها الحمراء للسفر مما يجعل من المستحيل حضور الجماهير البريطانية، وحينها قال وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني مايكل غوف إن مفاوضات دقيقة تمت بشأن مكان المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم، علما أنه كان من المفترض أن يقام النهائي على ملعب “أتاتورك” في مدينة إسطنبول، لكن أثيرت شكوك حول مقر المباراة بعد أن قررت الحكومة البريطانية وضع تركيا على قائمتها الحمراء للسفر مما جعل من المستحيل حضور الجماهير البريطانية.
خلفيات سياسية بامتياز وهذه أسباب الخلاف بين الأوروبيين والأتراك
ومعلوم أنه منذ أكثر من 29 سنة، تقدمت الجمهورية التركية بطلب رسمي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في 14 من شهر أفريل عام 1987، لكن ومنذ ذلك اليوم ظلّ الأوروبيون يماطلون الأتراك حتّى عام 1999، ففي العام 1999 قُبلت تركيا رسميّا كمرشحة للانضمام للإتحاد الأوروبي، لكن ورغم قبول ملفّ الترشّح، لم تبدأ المفاوضات بهذا الشأن إلّا في العام 2005 وذلك بعد نشاط جاد من قبل حكومة حزب العدالة والتنمية في هذا المجال، حيث قبل أعضاء الإتحاد الأوروبي بدء المفاوضات مع تركيا على أنها مرشحة للانضمام بشكل كامل للإتحاد، ولكن إلى اليوم لم تستطع تركيا الانضمام للإتحاد الأوروبي بصفة “عضو دائم وكامل”.
ملفّ شائك طال أكثر من اللازم
مدّ وجزر في هذا الملفّ الشائك الّذي يراه مراقبون أنّه طال أكثر من اللازم، حتّى أنّ وثائق “ويكيليكس” كشفت عام 2010 عن أنه لا أمل في انضمام تركيا للإتحاد الأوروبي بسبب موقف رافض لعدد كبير من دول القارة البيضاء، حيث سلطت برقيات دبلوماسية أميركية سرية نشرتها صحيفة “ديرتاجسشبيغيل الألمانية”، الأضواء على حقائق تتعلق برفض الإتحاد الأوروبي لقبول تركيا في عضويته، وحالة الامتعاض المتصاعدة بين الأتراك تجاه أوروبا، وذكرت البرقيات التي نشرتها الصحيفة الألمانية نقلا عن موقع “ويكيليس”، أن مسؤولين أمريكيين خرجوا من لقاءات عديدة مع دبلوماسيين أوروبيين بانطباع مفاده أن أنقرة لا أمل لها في دخول الإتحاد الأوروبي، وهو ما ترجمته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بقولها في لقاء سابق مع هيئة الإذاعة الألمانية في شهر أكتوبر الماضي بقولها، إنها ما زالت عند موقفها المعارض لانضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي، وأن الرئيس أردوغان على علم بموقفها.
يشكل المسلمون 99٪ من سكان تركيا وهذه هي المشكلة
ويرى بعض الباحثين أنّ من بين هذه الأسباب أيضا، نظرة مواطني الإتحاد الأوروبي وحكامه السلبية تجاه تركيا على أنها دولة إسلامية أنهكت أوروبا لفترة طويلة وأعاقت تقدمها أيام الدولة العثمانية، كما يرون أنّه في حال انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي فسيدخله فوج إسلامي ضخم ويعيد إعاقة تقدم أوروبا وتطورها، حيث يشكل المسلمون 99٪ من سكان تركيا وهو ما تخشاه الدول الأوروبية في ظل النمو السكاني المتراجع في دول الإتحاد وتقدم النمو السكاني لتركيا التي بانضمامها إلى الإتحاد الأوروبي سيصل عدد المسلمين في أوروبا إلى 100 مليون.
“عد إلى بلدك”.. يوم دفع أوزيل ثمنا كبيرا بسبب صورته مع أردوغان
وكمظهر آخر من مظاهر اختلاط السياسة بالرياضة، نشبت قبل سنوات أزمة كبيرة بين الأتراك والألمان بسبب اللاعب الدولي الألماني السابق، مسعود أوزيل، فحينها كان لاعب الوسط الألماني مسعود أوزيل مهاجم أرسنال السابق قد أكد أنه لم يندم على قرار اعتزال اللعب الدولي مع منتخب بلاده، وقال إن قرار اعتزاله جاء “لأن العنصرية أصبحت مشكلة كبيرة في ألمانيا”، واعتزل أوزيل اللعب الدولي